ارودانت: اكتساح «دور الضيافة» الأجنبية يلهب أسعار العقار
Dimanche, 15 Mars 2009 22:24 تارودانت - سعيد بلقاس .Note des utilisateurs: / 1
MauvaisTrès bien
تزايد إقبال الأجانب على دور الضيافة بمدينة تارودانت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، خاصة منذ عقد التسعينيات، حيث تسجل الإحصاءات في هذا المجال وجود أزيد من مائة دار ضيافة موزعة على أنحاء مختلفة بالمدينة، خاصة بأحياء سيدي أحساين وزرياب، أولاد بنونة والقصبة.
ارتفعت بشكل صاروخي أسعار المنازل والدور القديمة التي تبيعها العائلات الرودانية للأجانب، حيث وصلت، حسب مهتمين بتراث المنطقة، إلى ما بين مائتين إلى ثلاثمائة مليون سنتيم، ويتضاعف هذا الرقم حسب المساحة الإجمالية لهاته الدور القديمة. وأفاد هؤلاء المهتمون بأن الظاهرة تزداد بشكل تصاعدي، مما أنعش أيضا دور الوسطاء والسماسرة، وحتى بعض المهندسين المعماريين الذين تحول بعضهم إلى مضاربين في العقارات.
واعتبر (ا.س)، مهتم وباحث في شؤون المنطقة، أن هاته الظاهرة لا تخلو من جوانب سلبية، أبرزها إخلاء السكان الأصليين لمنازلهم القديمة، فرغم العائدات المادية المهمة التي يدرها من بيع الدور للأجانب، فإن الخسارة في المقابل تبدو فادحة حين ينظر إلى عملية البيع على أنها في الحقيقة، بيع لتراث الأسلاف القدامى الذين بنوا هاته الدور لبنة لبنة واستقروا بها وحافظوا عليها لمئات السنين، وقد أرجع المصدر السابق أسباب بيع هاته الدور إلى الأزمة التي باتت تعيشها أغلب الأسر الرودانية. خاصة الفقيرة منها وذات الدخل المحدود، حيث جعلت الحاجة هؤلاء مضطرين إلى بيع تراث أجدادهم مكرهين، يقول مصدرنا.
ويستثمر هؤلاء أموالهم المتحصلة من بيع عقاراتهم في شراء منازل حديثة خارج أسوار المدينة بتجرئات سكنية جديدة، خاصة بالحي المحمدي ومنطقة لاسطاح، مع إقامة مشروع بسيط يتخذه هؤلاء كمورد رزق قار، كمحل للبقالة، مثلا، أو مخدع هاتفي أو حتى كراء محلاتهم لبعض الحرفيين، غير أن البعض الآخر يفضل بعد بيع داره القديمة الاستقرار في بعض المدن المجاورة كمدينة أكادير، التي أضحت القبلة المفضلة للرودانيين، حيث إن امتلاك منزل أو شقة بهاته المدينة الساحلية يعد مفخرة لهؤلاء.
التوافد المتزايد على دور الضيافة بتارودانت جعل بعض أبناء المدينة يبحثون عن سماسرة مختصين في جلب زبائن بأفضل الأسعار.
مواكبة لهذا التحول في المشهد العام لمدينة تارودانت، ومع التزايد الكبير لهؤلاء الأجانب، تفتقت عبقرية بعض الجمعويين عن خلق نواة للتواصل مع هؤلاء لتظهر في السنوات الأخيرة بالمدينة إحدى الجمعيات الناشطة في هذا المجال، والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بمصالح الأجانب، خاصة في ما يخص توفير الظروف الملائمة للاستثمار والاستقرار بالمدينة وتعداد مزايا المنطقة، وذلك من خلال إلقاء عروض وعقد ندوات، بين الفينة والأخرى، حول تاريخ المدينة العريق، يؤطرها أساتذة مهتمون بحضور ضيوف شرف أجانب، أحيانا، لتبقى أهدافها غير المعلنة هي البحث عن سبل خلق روضٍ جديدة على أنقاض المنازل والدور القديمة، خاصة بزرياب أولاد بنونة، حيث لا يتوانى هؤلاء في وصف الظاهرة بالصحية والتي تعود بالنفع على مستقبل المدينة، ويتوزع هؤلاء الأجانب الوافدون على مدينة تارودانت في غالبيتهم بين الألمان والفرنسيين والبلجيكيين.
تنافس سياحي
إقبال الأجانب على تارودانت فسره بعض المهتمين بالشأن المحلي بكونه أمراً عادياً، خاصة أمام ما تتميز به المدينة من مؤهلات غنية تغري بالاستقرار، خاصة طقسها الدافئ في أغلب فترات السنة وجبالها الممتدة على سلسلة الأطلس الكبير المكسوة بالثلوج، هذا إضافة إلى مكانتها التراثية وسورها التاريخي الممتد على طول سبعة كيلومترات والذي يعود تاريخ بنائه إلى عهد السعديين، وكذا القصبات التاريخية المتعددة والمزارات والأبراج والحصون التي تشهد على حقب تاريخية مهمة بالمنطقة، ثم الفلكلور المحلي الذي تجسده فرق عيساوة وحمادشة، وكذا الدقة الرودانية التي كانت مهدا لظهور الدقة المراكشية الشهيرة”. هاته المؤهلات -يقول مسؤول بغرفة الصناعة التقليدية بالمدينة- نفتخر بها ونطمح من خلالها إلى أن نجعل من مدينتنا مثالا يحتذى به على غرار مدينة مراكش، النموذج التاريخي الذي ينسج على منواله الرودانيون عموما في شتى مناحي حياتهم”.
مؤهلات غنية متنوعة تبقى متوفرة، لكن، في المقابل، لازالت الجهات المعنية بالشأن السياحي، لم تعمل بعد على تنظيم القطاع السياحي بالإقليم من خلال إنشاء مندوبية للسياحة، مما جعل القطاع يواصل تخبطه في عشوائية وسوء التنظيم، وهو الأمر الذي أصبح معه الأجانب والسواح الوافدون على المدينة عرضة للابتزاز وشتى أنواع المعاملات غير القانونية، خاصة الزيادة في بعض الأسعار المرتبطة بالمنتوج السياحي عموما.
لقد أضحى مطلب إحداث مندوبية للسياحة ملحا للمهنيين، خاصة من أرباب الفنادق والعاملين في الحقل السياحي، إذا يعتبرون أن غياب جهاز وصي على القطاع أسوة بباقي مدن الجهة يعد حيفا في حق هاته المدينة العريقة وبمثابة حجر عثرة يحول دون تقدم قطاع السياحة والخدمات الذي أضحى قاطرة التنمية بالبلاد، خاصة أمام التنافس الشرس الذي باتت تمارسه دور الضيافة من خلال توفيرها لزبنائها الوافدين عليها خدمات تحت الطلب...، هذا رغم ما يكتنف هذه الدور من سلبيات خاصة ما تعلق منها باستخلاص وأداء الواجبات والرسوم، إضافة إلى عدم مساهمتها في خلق فرص الشغل. والدفع بعجلة التنمية المحلية عموما، «غير أن تطمينات عبد الله بن ذهيبة عامل الإقليم - يقول المصدر السابق- والتي أعلن عنها في اجتماعاته الأخيرة، بشأن إحداث فرع للمندوبية بالإقليم وكان لها أثر ايجابي على العاملين في القطاع في أفق الدفع بعجلة السياحة المحلية».
ناقوس الخطر
من جانبهم لا يخفي مهنيون مهتمون بمجال الفندقة بالمدينة، في انتشار دور الضيافة بمثابة خطر بات يهددهم بالإفلاس، خاصة أمام الإقبال الكبير عليها، وذلك بالنظر إلى ما توفره هاته الدور من خدمات ومميزات خاصة تجعلها تنافس الفنادق المصنفة بالمدينة، وهو ما بات يدر على أربابها مداخيل مهمة من خلال إقبال بعض السياح الأجانب عليها مباشرة لقضاء أغراض متنوعة.
غير بعيد عن مدينة تاوردانت وبجماعات جبلية كتمالوكت واحد ايمولاس، ارتأى بعض الأجانب إقامة دور خاصة للضيافة بهاته المناطق الجبلية، هذا التحول عزاه أحمد بوهيا، فاعل حقوقي، إلى رغبة الأجانب في ممارسة طقوسهم ورغباتهم التحررية، بعيدا عن أعين رقابة الأجهزة الأمنية وكذا تحركات أعوان السلطة المحلية المتوزعين على محيط المدينة، هذا إضافة طبعا إلى ما تمتاز به هاته المناطق من بساطة العيش وحالة الهدوء التام بها، ثم اعتبارا كذلك للأسعار الصاروخية التي وصلت إليها الدور القديمة بالمدينة، وهو ما جعل بعض هؤلاء الأجانب يفضلون النزوح نحو الضواحي نظرا لانخفاض أسعار العقار فيها، فبجماعة تاملوكت، مثلا، وعلى بعد أقل من عشرين كيلو مترا، يقيم أجنبي من جنسية فرنسية منذ مدة طويلة حيث اشتهر هناك بـأفعاله الخيرية، وبتقديمه المساعدة إلى أهالي ودواوير الجماعة، وقد عمل بهذا الصدد على تشييد مدرسة نموذجية على نفقته الخاصة، قال عنها الأهالي إنه قل مثيلها بالمدارس العمومية، اعتبارا إلى التجهيزات التي تتوفر عليها، وأثنى أحد أبناء القرية على مبادرة بناء مدرسة نموذجية هناك قائلا إنها عمل خيري ومنطلق إنساني ورغبة من هذا الأجنبي في أن يرى أبناء القرية يتابعون دراستهم في ظروف حسنة.
أسوار مهدمة
أحدثت أعمال الحفر، التي باشرها أحد الفرنسيين داخل إحدى دور الضيافة بحي القصبة، رجة داخل الأوساط المهتمة بالشأن التراثي للمدينة، وكذا مندوبية الثقافة، الجهة المشرفة على الحفاظ على أسوار تارودانت، حيث ما لبث هؤلاء أن ننددوا بأعمال الحفر والتخريب داخل برج السور التاريخي والتنبيه إلى محاولة بعض الأجانب حيازة موروث تاريخي إلى أملاكهم الخاصة، مباشرة بعد شرائهم للدور القديمة التي توجد بداخلها هاته الأبراج، محملين المسؤولية في تخريب الآثار القديمة بالمدينة إلى السلطات المحلية التي وافقت على منح رخص البناء بدون الالتزام بمعايير البناء القانونية المعمول بها في مثل هاته الدور التاريخية، وكذا التغاضي عن تتبع أشغال البناء والحفر التي تباشر بداخل هاته المباني المحاذية للأسوار والمباني التاريخية، وهو الأمر الذي اضطرت معه السلطات المحلية، تحت ضغط المجتمع المدني ووسائل الإعلام التي تناقلت الحدث، إلى وقف أشغال البناء مؤقتا، مع إغلاق دار الضيافة وإجبار الأجنبي على الالتزام بالترخيص الممنوح.
تحول بعض الوافدين الأجانب على مدينة تارودانت إلى مقاولين مختصين في بناء دور الضيافة تحت الطلب. وبهذا الصدد اشتهر بالمدينة مقاول من جنسية فرنسية استطاع، في ظرف وجيز، أن يهيمن على سوق العقار من خلال بناء وتشييد مجموعة من دور الضيافة، خاصة بأحياء سيدي مبارك زرايب ولاد بنونة وسيدي بلقاس والطالعة، لفائدة مجموعة من الأجانب الذين باتوا يستثمرون في مثل هاته المشاريع المربحة وذات الدخل المضمون غير أن المقاول المذكور -وحسب شكاية موقعة بأسماء عمال مطرودين، تتوفر «المساء» على نسخة منها- لم يستطيع كسب ود العمال المغاربة الذين يشتغلون لفائدته في مختلف المهن اليدوية المرتبطة بأعمال البناء، حيث ما لبث أن رفع نحو 30عاملا دعاوى قضائية لدى ابتدائية تارودانت، يطالبون من خلالها بإنصافهم من الحيف الذي لحقهم.
وأفاد هؤلاء، في تصريحاتهم، بأنهم تعرضوا لطرد تعسفي من طرف المشغل بدون مبررات منطقية وبحجة أزمة في سوق العقار، وبدون مراعاة لمقتضيات مدونة الشغل، «حيث لم نستفد طيلة مدة اشتغالنا كأجراء بالمقاولة من أبسط حقوقنا المشروعة، كالضمان الاجتماعي والتغطية الصحية وغيرها”، “فبعد أن قضينا - يضيف هؤلاء العمال- عدة سنوات في بناء «الرياضات» وجدنا أنفسنا في النهاية في ردهات المحاكم نطارد المقاول الفرنسي...».
Dimanche, 15 Mars 2009 22:24 تارودانت - سعيد بلقاس .Note des utilisateurs: / 1
MauvaisTrès bien
تزايد إقبال الأجانب على دور الضيافة بمدينة تارودانت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، خاصة منذ عقد التسعينيات، حيث تسجل الإحصاءات في هذا المجال وجود أزيد من مائة دار ضيافة موزعة على أنحاء مختلفة بالمدينة، خاصة بأحياء سيدي أحساين وزرياب، أولاد بنونة والقصبة.
ارتفعت بشكل صاروخي أسعار المنازل والدور القديمة التي تبيعها العائلات الرودانية للأجانب، حيث وصلت، حسب مهتمين بتراث المنطقة، إلى ما بين مائتين إلى ثلاثمائة مليون سنتيم، ويتضاعف هذا الرقم حسب المساحة الإجمالية لهاته الدور القديمة. وأفاد هؤلاء المهتمون بأن الظاهرة تزداد بشكل تصاعدي، مما أنعش أيضا دور الوسطاء والسماسرة، وحتى بعض المهندسين المعماريين الذين تحول بعضهم إلى مضاربين في العقارات.
واعتبر (ا.س)، مهتم وباحث في شؤون المنطقة، أن هاته الظاهرة لا تخلو من جوانب سلبية، أبرزها إخلاء السكان الأصليين لمنازلهم القديمة، فرغم العائدات المادية المهمة التي يدرها من بيع الدور للأجانب، فإن الخسارة في المقابل تبدو فادحة حين ينظر إلى عملية البيع على أنها في الحقيقة، بيع لتراث الأسلاف القدامى الذين بنوا هاته الدور لبنة لبنة واستقروا بها وحافظوا عليها لمئات السنين، وقد أرجع المصدر السابق أسباب بيع هاته الدور إلى الأزمة التي باتت تعيشها أغلب الأسر الرودانية. خاصة الفقيرة منها وذات الدخل المحدود، حيث جعلت الحاجة هؤلاء مضطرين إلى بيع تراث أجدادهم مكرهين، يقول مصدرنا.
ويستثمر هؤلاء أموالهم المتحصلة من بيع عقاراتهم في شراء منازل حديثة خارج أسوار المدينة بتجرئات سكنية جديدة، خاصة بالحي المحمدي ومنطقة لاسطاح، مع إقامة مشروع بسيط يتخذه هؤلاء كمورد رزق قار، كمحل للبقالة، مثلا، أو مخدع هاتفي أو حتى كراء محلاتهم لبعض الحرفيين، غير أن البعض الآخر يفضل بعد بيع داره القديمة الاستقرار في بعض المدن المجاورة كمدينة أكادير، التي أضحت القبلة المفضلة للرودانيين، حيث إن امتلاك منزل أو شقة بهاته المدينة الساحلية يعد مفخرة لهؤلاء.
التوافد المتزايد على دور الضيافة بتارودانت جعل بعض أبناء المدينة يبحثون عن سماسرة مختصين في جلب زبائن بأفضل الأسعار.
مواكبة لهذا التحول في المشهد العام لمدينة تارودانت، ومع التزايد الكبير لهؤلاء الأجانب، تفتقت عبقرية بعض الجمعويين عن خلق نواة للتواصل مع هؤلاء لتظهر في السنوات الأخيرة بالمدينة إحدى الجمعيات الناشطة في هذا المجال، والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بمصالح الأجانب، خاصة في ما يخص توفير الظروف الملائمة للاستثمار والاستقرار بالمدينة وتعداد مزايا المنطقة، وذلك من خلال إلقاء عروض وعقد ندوات، بين الفينة والأخرى، حول تاريخ المدينة العريق، يؤطرها أساتذة مهتمون بحضور ضيوف شرف أجانب، أحيانا، لتبقى أهدافها غير المعلنة هي البحث عن سبل خلق روضٍ جديدة على أنقاض المنازل والدور القديمة، خاصة بزرياب أولاد بنونة، حيث لا يتوانى هؤلاء في وصف الظاهرة بالصحية والتي تعود بالنفع على مستقبل المدينة، ويتوزع هؤلاء الأجانب الوافدون على مدينة تارودانت في غالبيتهم بين الألمان والفرنسيين والبلجيكيين.
تنافس سياحي
إقبال الأجانب على تارودانت فسره بعض المهتمين بالشأن المحلي بكونه أمراً عادياً، خاصة أمام ما تتميز به المدينة من مؤهلات غنية تغري بالاستقرار، خاصة طقسها الدافئ في أغلب فترات السنة وجبالها الممتدة على سلسلة الأطلس الكبير المكسوة بالثلوج، هذا إضافة إلى مكانتها التراثية وسورها التاريخي الممتد على طول سبعة كيلومترات والذي يعود تاريخ بنائه إلى عهد السعديين، وكذا القصبات التاريخية المتعددة والمزارات والأبراج والحصون التي تشهد على حقب تاريخية مهمة بالمنطقة، ثم الفلكلور المحلي الذي تجسده فرق عيساوة وحمادشة، وكذا الدقة الرودانية التي كانت مهدا لظهور الدقة المراكشية الشهيرة”. هاته المؤهلات -يقول مسؤول بغرفة الصناعة التقليدية بالمدينة- نفتخر بها ونطمح من خلالها إلى أن نجعل من مدينتنا مثالا يحتذى به على غرار مدينة مراكش، النموذج التاريخي الذي ينسج على منواله الرودانيون عموما في شتى مناحي حياتهم”.
مؤهلات غنية متنوعة تبقى متوفرة، لكن، في المقابل، لازالت الجهات المعنية بالشأن السياحي، لم تعمل بعد على تنظيم القطاع السياحي بالإقليم من خلال إنشاء مندوبية للسياحة، مما جعل القطاع يواصل تخبطه في عشوائية وسوء التنظيم، وهو الأمر الذي أصبح معه الأجانب والسواح الوافدون على المدينة عرضة للابتزاز وشتى أنواع المعاملات غير القانونية، خاصة الزيادة في بعض الأسعار المرتبطة بالمنتوج السياحي عموما.
لقد أضحى مطلب إحداث مندوبية للسياحة ملحا للمهنيين، خاصة من أرباب الفنادق والعاملين في الحقل السياحي، إذا يعتبرون أن غياب جهاز وصي على القطاع أسوة بباقي مدن الجهة يعد حيفا في حق هاته المدينة العريقة وبمثابة حجر عثرة يحول دون تقدم قطاع السياحة والخدمات الذي أضحى قاطرة التنمية بالبلاد، خاصة أمام التنافس الشرس الذي باتت تمارسه دور الضيافة من خلال توفيرها لزبنائها الوافدين عليها خدمات تحت الطلب...، هذا رغم ما يكتنف هذه الدور من سلبيات خاصة ما تعلق منها باستخلاص وأداء الواجبات والرسوم، إضافة إلى عدم مساهمتها في خلق فرص الشغل. والدفع بعجلة التنمية المحلية عموما، «غير أن تطمينات عبد الله بن ذهيبة عامل الإقليم - يقول المصدر السابق- والتي أعلن عنها في اجتماعاته الأخيرة، بشأن إحداث فرع للمندوبية بالإقليم وكان لها أثر ايجابي على العاملين في القطاع في أفق الدفع بعجلة السياحة المحلية».
ناقوس الخطر
من جانبهم لا يخفي مهنيون مهتمون بمجال الفندقة بالمدينة، في انتشار دور الضيافة بمثابة خطر بات يهددهم بالإفلاس، خاصة أمام الإقبال الكبير عليها، وذلك بالنظر إلى ما توفره هاته الدور من خدمات ومميزات خاصة تجعلها تنافس الفنادق المصنفة بالمدينة، وهو ما بات يدر على أربابها مداخيل مهمة من خلال إقبال بعض السياح الأجانب عليها مباشرة لقضاء أغراض متنوعة.
غير بعيد عن مدينة تاوردانت وبجماعات جبلية كتمالوكت واحد ايمولاس، ارتأى بعض الأجانب إقامة دور خاصة للضيافة بهاته المناطق الجبلية، هذا التحول عزاه أحمد بوهيا، فاعل حقوقي، إلى رغبة الأجانب في ممارسة طقوسهم ورغباتهم التحررية، بعيدا عن أعين رقابة الأجهزة الأمنية وكذا تحركات أعوان السلطة المحلية المتوزعين على محيط المدينة، هذا إضافة طبعا إلى ما تمتاز به هاته المناطق من بساطة العيش وحالة الهدوء التام بها، ثم اعتبارا كذلك للأسعار الصاروخية التي وصلت إليها الدور القديمة بالمدينة، وهو ما جعل بعض هؤلاء الأجانب يفضلون النزوح نحو الضواحي نظرا لانخفاض أسعار العقار فيها، فبجماعة تاملوكت، مثلا، وعلى بعد أقل من عشرين كيلو مترا، يقيم أجنبي من جنسية فرنسية منذ مدة طويلة حيث اشتهر هناك بـأفعاله الخيرية، وبتقديمه المساعدة إلى أهالي ودواوير الجماعة، وقد عمل بهذا الصدد على تشييد مدرسة نموذجية على نفقته الخاصة، قال عنها الأهالي إنه قل مثيلها بالمدارس العمومية، اعتبارا إلى التجهيزات التي تتوفر عليها، وأثنى أحد أبناء القرية على مبادرة بناء مدرسة نموذجية هناك قائلا إنها عمل خيري ومنطلق إنساني ورغبة من هذا الأجنبي في أن يرى أبناء القرية يتابعون دراستهم في ظروف حسنة.
أسوار مهدمة
أحدثت أعمال الحفر، التي باشرها أحد الفرنسيين داخل إحدى دور الضيافة بحي القصبة، رجة داخل الأوساط المهتمة بالشأن التراثي للمدينة، وكذا مندوبية الثقافة، الجهة المشرفة على الحفاظ على أسوار تارودانت، حيث ما لبث هؤلاء أن ننددوا بأعمال الحفر والتخريب داخل برج السور التاريخي والتنبيه إلى محاولة بعض الأجانب حيازة موروث تاريخي إلى أملاكهم الخاصة، مباشرة بعد شرائهم للدور القديمة التي توجد بداخلها هاته الأبراج، محملين المسؤولية في تخريب الآثار القديمة بالمدينة إلى السلطات المحلية التي وافقت على منح رخص البناء بدون الالتزام بمعايير البناء القانونية المعمول بها في مثل هاته الدور التاريخية، وكذا التغاضي عن تتبع أشغال البناء والحفر التي تباشر بداخل هاته المباني المحاذية للأسوار والمباني التاريخية، وهو الأمر الذي اضطرت معه السلطات المحلية، تحت ضغط المجتمع المدني ووسائل الإعلام التي تناقلت الحدث، إلى وقف أشغال البناء مؤقتا، مع إغلاق دار الضيافة وإجبار الأجنبي على الالتزام بالترخيص الممنوح.
تحول بعض الوافدين الأجانب على مدينة تارودانت إلى مقاولين مختصين في بناء دور الضيافة تحت الطلب. وبهذا الصدد اشتهر بالمدينة مقاول من جنسية فرنسية استطاع، في ظرف وجيز، أن يهيمن على سوق العقار من خلال بناء وتشييد مجموعة من دور الضيافة، خاصة بأحياء سيدي مبارك زرايب ولاد بنونة وسيدي بلقاس والطالعة، لفائدة مجموعة من الأجانب الذين باتوا يستثمرون في مثل هاته المشاريع المربحة وذات الدخل المضمون غير أن المقاول المذكور -وحسب شكاية موقعة بأسماء عمال مطرودين، تتوفر «المساء» على نسخة منها- لم يستطيع كسب ود العمال المغاربة الذين يشتغلون لفائدته في مختلف المهن اليدوية المرتبطة بأعمال البناء، حيث ما لبث أن رفع نحو 30عاملا دعاوى قضائية لدى ابتدائية تارودانت، يطالبون من خلالها بإنصافهم من الحيف الذي لحقهم.
وأفاد هؤلاء، في تصريحاتهم، بأنهم تعرضوا لطرد تعسفي من طرف المشغل بدون مبررات منطقية وبحجة أزمة في سوق العقار، وبدون مراعاة لمقتضيات مدونة الشغل، «حيث لم نستفد طيلة مدة اشتغالنا كأجراء بالمقاولة من أبسط حقوقنا المشروعة، كالضمان الاجتماعي والتغطية الصحية وغيرها”، “فبعد أن قضينا - يضيف هؤلاء العمال- عدة سنوات في بناء «الرياضات» وجدنا أنفسنا في النهاية في ردهات المحاكم نطارد المقاول الفرنسي...».